الأربعاء، 3 ديسمبر 2014

شلل الأطفال


لعل شلل الأطفال من أكثر الأمراض التي تبث الرعب في نفوس أولياء الأمور.  كثيرا ما نسمع عن انتشار هذا  المرض في دول العالم الثالث و ظهوره من جديد في الدول التي تعاني من حروب و ما شابه، و يصاحب ذلك تخويف إعلامي و تشجيع من الأطباء على تطعيم الأطفال لحمايتهم من هذا المرض.  إلا أن اتخاذ القرار بالتطعيم لابد أن يكون مبنيا على أسس صحيحة و اطلاع كامل على الموضوع لا على الهلع و الاتباع الأعمى.  فماذا تعرف حقا عن فايروس  المرض؟ كيف ينتقل؟ ما هي أعراضه؟ و هل الإصابة به تعني بالضرورة الشلل؟  ما هي أنواع التطعيم ضده؟ و هل هي آمنة؟ البحث المبسط أدناه يهدف لتزويدكم بمعلومات أولية عن شلل الأطفال موثقة بمصادر.  نطرح في البداية حقائق سريعة مختصرة عن شلل الأطفال و يليها شرح مفصل لها. 


حقائق مختصرة عن شلل الأطفال

·       قد تتصور أن فايروس شلل الأطفال يحلق في الهواء منتظرا من لم يطعم حتى يهجم عليه. الحقيقة أن انتقال هذا الفايروس يكون من غائط المصاب إلى فم السليم، أي أن النظافة البيئية و الشخصية هي التي تحمي من الإصابة بالفايروس.
·       لنفترض أنه انتقل الفايروس إليك بسبب سوء النظافة، فالغالبية العظمى ممن يصاب بفايروس شلل الأطفال لا يدرك أنه قد أصيب به و ذلك لأن أعراضه طفيفة و مشابهة للحمى، تأتي وترحل من دون ملاحظة. نسبة قليلة جدا هي التي تتعرض للشلل و تكون من ذوي المناعة المتردية و من هذه النسبة فقط قلة قليلة تصاب بالشلل الدائم.
·       النظافة الشخصية هي خط الدفاع الأول في الحد من انتشار المرض في البيئة و توفير الحماية الشخصية منه. تليها النظافة البيئية من حيث توفير مياه شرب نقية.
·       الإحصائيات تؤكد أنه قد انخفضت حالات الإصابة بشلل الأطفال قبل ظهور التطعيم و ذلك بسبب التعديلات التي أجريت على الصرف الصحي للمياه آنذاك. فالنظافة البيئية هي التي حدت من انتشار المرض و ليس التطعيم كما هو مروج له.
·       تطعيم شلل الأطفال من مسببات  شلل الأطفال. أصيب 47.500 طفلا بشلل الأطفال جراء التطعيم الفموي للشلل في الهند عام 2011.
·       حالات شلل الأطفال التي تحدث نتيجة التطعيم يتم تسميتها بمسميات أخرى كالشلل الدماغي، السحايا الفيروسية .. إلخ حتى لا تسجل بالإحصائيات كحالات شلل أطفال وذلك لإظهار التطعيم على أنه فعال في القضاء على شلل الأطفال.

تعريف شلل الأطفال، طرق انتقاله، و أعراضه

شلل الأطفال هو مرض فايروسي معدي. ينتقل الفايروس بصورة رئيسية عن طريق غائط المصاب إلى فم السليم.  قد يصاب الإنسان بالفايروس أيضا عن طريق البيئة إن كانت مياه الشرب ملوثة بسبب امتزاجها مع نفايات المجاري [1] .  في الولايات المتحدة انتشر المرض بشدة في خمسينات العقد الماضي، ويذكر أن في هذه الفترة تخللت شواطيء نيوجرسي المطلة على نهر الهدسون بيافطات كتب عليها "السباحة ممنوعة بسبب مرض الشلل" حيث اشتهر هذا النهر باحتوائه على مخلفات مجاري نية (غير مكررة) [2].

الغالبية العظمى ممن يصاب بفايروس شلل الأطفال لا يدرك بتاتاً أنه قد أصيب به وذلك لانعدام ظهور أية أعراض للمرض [1].  قد تظهر أعراض لبعض المصابين و تكون مشابهة لأعراض الحمى . هذه الأعراض تدوم لمدة يوم إلى عشرة أيام و هي كالآتي:
·       حمي
·       ضيق حلق
·       صداع
·       تقيؤ
·       إرهاق
·       تصلب أو ألم في الظهر
·       تصلب أو ألم في الرقبة
·       ألم أو تصلب في الذراعين أو الرجلين
·       ضعف في العضلات
·       السحايا
في حالات نادرة يتسبب المرض بالشلل وفي معظم هذه الحالات يكون الشلل مؤقتاً.  قلة قليلة تصاب بالشلل الدائم و صعوبة في التنفس أو الوفاة. 


بداية تطعيم شلل الأطفال

ظهر أول تطعيم لشلل الأطفال على يد د. جوناس سالك.  قبل ساعة الصفر وُكلت عالمة بكتيريا تدعى برنيس أدي من المعهد الدولي للصحة في الولايات المتحدة بإجراء اختبار سلامة للتطعيم الجديد. عندما حقنت برنيس قردتها بهذا التطعيم وقعوا مشلولين في أقفاصهم.  حينئذ أدركت العالمة أن الفايروسات في الحقنة لم تكن خاملة كما زعموا و إنما حية وعلى استعداد للتكاثر. أرسلت برنيس صور القردة المشلولة إلى إدارة المعهد و أنذرتهم بوقوع كارثة.  كثر الجدال حول جهوزية الحقنة فتقدم مجموعة من الأطباء المعروفين من شتى أنحاء الدولة دفاعاً عن التطعيم و من بينهم د. آلتون أوشسنر.  أراد تشجيع الجموع على تطعيم أطفالهم ضد الشلل و لكي يثبت سلامته قام بتطعيم أحفاده به. تم على أثره تطعيم ما يقارب 1.8 مليون طفل في الولايات المتحدة ما بين 1954- 1955.   تسبب هذا التطعيم بالمرض لبعض الأطفال و بالشلل للبعض الآخر و توفي البعض منه أيضا.  بعض حالات الشلل حدثت خلال أيام من تلقي التطعيم [3].    توفي حفيد د. أوشسنر جراء التطعيم و أما حفيدته فأصابها الشلل منه.    دفعت الكارثة إلى استقالة كلاًً من وزيرة الصحة (أوفيتا هوبي) و رئيس المعهد الدولي للصحة (د. وليام سيبريل) [4].  في عام 1977 اعترف د. جوناس سالك مخترع تطعيم سالك للشلل مع مجموعة أخرى من العلماء أن 87% من حالات شلل الأطفال التي وقعت في الولايات المتحدة منذ 1970 كانت نتيجة لتطعيم الشلل [5]. 


ظهور التطعيم الفموي لشلل الأطفال

ظهر أول تطعيم فموي لشلل الأطفال على يد ألبيرت سابن.  بدأت المرحلة التجريبية للتطعيم سنة 1957 ثم تم ترخيصه سنة 1962.  أتى هذا التطعيم كبديل آمن لتطعيم سالك إلا أن الواقع يثبت لنا خلاف ذلك.  لعل أكبر ضرر لهذا التطعيم أنه بذاته مسبب لانتشار الفايروس كونه يحتوي على فايروس حي.  بعد مرور 10-12 يوم من تلقي طفلة للتطعيم الفموي أصاب والدها شلل في الرئة واتهمت على أثرها الشركة المصنعة للتطعيم "ليدرلي" أنها تهاونت في توضيح أن التطعيم مسبباً لانتشار الفايروس و زيادة فرص الإصابة به لغير المطعمين [4].  والجدير بالذكر أن كثيرا من حالات الشلل تحدث للأطفال مباشرة بعد تلقيهم التطعيم.  في عمان مثلا تفشى شلل الأطفال سنة 1989 و ذلك بعد مرور 6 أشهر من وصول نسبة التطعيم إلى 100 % [9]. تكرر ذلك في عدة دول خضعت لحملات التطعيم ومن ضمنها الهند عام 2011،  حيث قامت منظمة بيل غيتس بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية بحملة تطعيم ضد الشلل والتي نتج عنها إصابة 47.500 طفلا بالشلل [6].  و في الولايات المتحدة اليوم يبقى التطعيم الفموي للشلل هو المسبب الوحيد المعترف به لشلل الأطفال [5],[2].

كذبة فعالية التطعيم في القضاء على شلل الأطفال

ما لا يدركه الكثير هو أن بداية اختفاء شلل الأطفال تزامن مع التحسنات التي أجريت في الصرف الصحي و أنظمة المياه. الدراسات الوبائية تظهر لنا أن معدلات الوفيات الناتجة عن مرض شلل الأطفال قد انخفضت بنسبة82% قبل سنة 1956 في المملكة المتحدة و ويلز، وسارت فرنسا على نفس النمط.  أي أنه لم يكن للتطعيم أي دور في خفض هذه النسبة. المخطط أدناه يوضح حالات شلل الأطفال في الولايات المتحدة ما بين 1940 - 1965.  لاحظ أن الهبوط الحاد في معدلات الشلل أخذ مجراه قبل ظهور التطعيمين مما يؤكد أن سبب الانخفاض يعود لعوامل أخرى سبقت ظهور التطعيم.




هناك أيضا تلاعب على المستوى التشخيصي و الإحصائي من أجل إثبات فعالية التطعيم في القضاء على الشلل.  ففي الولايات المتحدة تم تغيير تعريف شلل الأطفال بعد البدء باستخدام تطعيم سالك.  التعريف الجديد للشلل أصبح ضيقاً بحيث يصعب تشخيص حالات الشلل وبالتالي يظهر التطعيم على أنه فعال في القضاء على المرض  [7].  علاوة على ذلك، حالات شلل الأطفال التي تحدث نتيجة التطعيم يتم تسميتها بمسميات أخرى كالشلل الدماغي، السحايا الفيروسية، التهاب السحايا العقيم، الشلل الصاعد .. إلخ حتى لا تسجل بالإحصائيات كحالات شلل أطفال فيظهر التطعيم على أنه فعال في القضاء على المرض [8].

مستقبل مرض شلل الأطفال

إن كان تطعيم الشلل هو المسؤول الوحيد عن القضاء على انتشار الشلل في العالم الأول لماذا إذاً عجز عن القضاء عليه في دول العالم الثالث كالهند و الكونغو و غيرها؟  تقام حملات التطعيم عاماً بعد عام في أفريقيا والهند وغيرها إلا أنه لازالت تصلنا أخبار عن عودة المرض وانتشاره [2].  نلاحظ أيضا عودة المرض في حالات الحرب و ذلك بسبب التلوث البيئي.  لم ولن تتمكن هذه الدول من القضاء على المرض طالما تعاني من امتزاج نفايات المجاري بمياه الأنهار والبحيرات المستخدمة لمياه الشرب.  الأموال الطائلة التي تُصرف على التطعيمات لا تساوي معشار ما يمكن إنفاقه على تحسين النظافة والصرف الصحي وتوفير مياه شرب نقية في دول العالم الثالث. لذا حفاظاً على أرباحها، تحرص شركات الأدوية على الترويج للتطعيم كحل للحد من انتشار شلل الأطفال [2] بينما النظافة الشخصية هي خط الدفاع الأول في الحد من انتشار المرض في البيئة وتوفير الحماية الشخصية منه، تليها النظافة البيئية من حيث توفير مياه شرب نقية.   


روابط ذات صلة

خطورة التطعيم الفموي للشلل http://youtu.be/AlqICNQ5KwA (فيديو مترجم)

إعادة تعريف شلل الأطفال للتلاعب بالإحصائيات  http://novaccines.org/?p=868


قائمة المصادر المستخدمة في البحث

3     Peterson L, Benson WW, Graeber FO (1955). Vaccination-induced poliomyelitis in Idaho.        Preliminary report of experience with Salk poliomyelitis vaccine. JAMA 159(4):241-244
8     Scheibner, vNexus Magazine Aug-Sept 2009 Vol 16, No.5 & Oct-Nov 2009 Vol 16, No 6. Dr Scheibner can be contacted by email at viera.scheibner@gmail.com.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق