بداية خدعة التطعيم
المخترع الغير مؤهل
ادوارد جينر الطبيب البريطاني هومن اكتشف
التطعيم في هيئته الحديثة و هو من اقنع المجتمع العلمي بفعاليته. عمل جينر في مجتمع ريفي حيث كان معظم مرضاه
مزارعين او ممن عملوا في المزارع مع القطاع. في سن الستة عشر تلقى جينر التدريب
ليكون جراحا و صيدلاني. في سن الواحد و العشرين تم ابتعاث جينر لدى دكتور جون هنتر
في لندن كطالبا على مدى سنتين. عندما بلغ جينر سن الثلاثة و عشرون عاد لقريته و
بدا العمل كجراح و صيدلاني عادي غير حامل لاي مؤهل علمي و استمر في عمله هذا لمدة
سبعة عشر عاما غير معلوم للعالم غير انه كان يعمل مع دكتور هنتر في مشاريع مختلفة
في التاريخ الطبيعي.
الخـــــرافة
كان اكتشاف جينر مبنيا على خرافة لا اساس
لها لا اكثر. الخرافة انتشرت في منطقة
جلوشيسترشاير مضمونها ان من اصابه جدري البقر (جدري يصيب البقر) يستحيل ان يصيبه
الجدري. مرض الجدري دخل العالم الجديد في القرن السادس عشر محمولا مع الغزاة و
المكتشفين الاوروبيين. الجدير بالذكر ان بعض التقارير تؤكد ان بطانيات ملوثة قدمت
للامريكيون الاصليون بغرض زرع المرض بينهم بفعل مقصود في القرن الثامن عشر. في
القرن الثامن عشر كان الجدري المرض الاكثر شيوعا و الاكثر ارهابا لجميع مستويات
المجتمع. على اساس هذه الخرافة، قام جينر بحقن الاخرين بجدري البقر لتحصينهم ضد
الجدري بدون اي دليل فعلي لفعالية هذه العملية و سلامتها. هل فكر جينر و تابعينه
كيف ان حقن صديد من حيوان مريض ممكن ان يمنع لا ان يخلق مرضا في الانسان؟!
اختبار النظرية
قام جينر بحقن صبي يدعى جيمس فيليبس بكامل
صحته بقدر بسيط من مادة ماخوذة من بثرة في يد امراة تعمل على حلب البقر في احدى
المزارع تعاني من جدري البقر و ذلك في شهر مايو 1796. في يوليو من نفس السنة ، قام
بتطعيم الصبي نفسه بالجدري دون اي ضمان بالحماية. على اساس قيامه بهذه التجربة
الفريدة ادعى جينر ان جدري البقر هو الوقاية من الجدري و مع اعطاء النظرية بعض
الزخارف العلمية قام بتسمية هذا التطعيم بتطعيم الفاريولي و ماهو الا جدري البقر.
نتيجة لهذا الاكتشاف العظيم حصل جينر على مكافات مادية فقد منحه البرلمان
البريطاني ما يقارب ثلاثين الف جنيه استرليني ليكون اول طبيب
معالج يداوي بمواد حاملة للامراض لاشخاص اصحاء و يعطى على ذلك مكافاة مجزية. ايضا،
كان التطعيم مدعوما حكوميا و اصبح شائعا في امريكا و اوروبا.
ما بعد تجربة التطعيم
بعد تجربة التطعيم الفردية التي قام بها جينر،
كان اول الاشخاص دفاعا عن اكتشافه و انكارا لذمم التطعيم . كان يحاول جاهدا حماية
ذاته و صورته و محفظته المالية و دعم الملك جورج الثالث له. علاج جينر بذاته كان
له مخاطرا و نتيجتين الاولى هي احتمالية ان يصيب الشخص المرض بكل جوانبه او نتيجة
اخرى مميتة. التطعيم المباشر باستخدام خلايا الجدري كان بالفعل قد قتل مئات الناس
لكن في ذلك الوقت كان التطعيم مقبولا للاهالي المرتعبين و الساذجين و البقية ممن
تاثروا بهذه الفئة.
العديد من محترفين الصحة كانوا قد علموا
بحالات عدة من الجدري ممن اصابهم جدري البقر سابقا. على الرغم من احتجاج البعض
مدعومين بحقائق و ارقام تبطل كفاءة التطعيم بل و تثبت ضرر التطعيم جراء المواد
السامة و الفيروسات الموجودة في التطعيم و التي تعرض مناعة الجسم للخطر استمر
العمل بالتطعيم. كان علاج جينر لمنع المرض مزيفا لكنه استطاع بهذه الخدعة ان يكون
لنفسه حزمة نقدية جعلته يسكت جميع اطراف الجدال ممن علموا عدم كفاءة و فعالية
التطعيم و عدم سلامته. نهج المناهضين للتطعيم في كبت الحقائق العلمية من المحترفين
المهتمين كان اشبه بالمافيا. المحترفين الطبيين ممن سجلوا شكاوى صحية ضد التطعيمات
عوقبوا بصرامة و تم تشويه سمعتهم من قبل مافيا الطب على التيار الاعلامي . كان
الافتراض الاساسي لجينر معيبا لكن كانت ايضا بداية التطعيم كامر تقليدي استمر حتى
يومنا هذا. يجدر بالذكر ان جينر اصابه الشلل في جهته اليمنى و توفى في عام 1823 بسبب سكتة دماغية.
فرض التطعيم
المانيا على سبيل المثال كانت ليس كأي دولة
اوروبية اخرى في وضع قوانين صارمة فيما يخص التطعيمات. في عام 1834 اصبح التطعيم
الزاميا و تم فرض تطعيمات متتالية. ما بين عام 1871 – 1872 اصاب الجدري ما يقارب
125 الف شخص في بروسيا. في برلين فقط اصاب الجدري 17,038 طفلا ممن تلقوا التطعيمات
و توفي منهم 736 طفلا. بدات معظم الدول بفرض التطعيم في عام 1853. و في بريطانيا
تم تسجيل 57,016 حالة وفيات بسبب الجدري ما بين العام 1871-1880. خلال هذه الفترة
تم تسجيل 165 حالة وفاة بسبب جدري البقر و اسباب اخرى سببها التطعيم. التطعيم لم
يفشل بانقاذ 165 من الموت. في بعض السنوات تم التوثيق رسميا بان التطعيم كان سببا
لوفيات اكثر من الحالات التي تسبب الجدري بوفاتهم. كما تم تسجيل ارقام هائلة من
حالات اصابهم الشلل الدائم جراء التطعيم. في
حلول عام 1895ازداد معدل الاصابات بمرض الجدري من نسبة 5% الى 95% بعد انتشار
التطعيم.
تجربة الفلبين
عندما
وقعت جزر الفلبين تحت ايدي الامريكان ، تم تطبيق برنامج تطعيمات موسع. شمل هذا البرنامج اعادة تطعيم الجنود الامريكيون
فوقعوا ضحايا للتطعيم و مات منهم بنسبة ثلاثة اضعاف اكثر ممن لم يتم تطعيمهم. في تلك
البقاع كان مرض الجدري بلاءا موجودا بين
السكان نتيجة طبيعية للاوضاع الصحية السيئة. في مقاطعة باناما تم اقامة نظام تطهير
شامل الامر الذي نتج عنه نفي للجدري و كان سببا لتباهي تابعي جينر لسنين عديدة بان
الجدري اختفى من الفلبين بفضل التطعيمات. في الحقيقة فان معدلات مرض الجدري قد
هبطت بتحسن الاوضاع الصحية و علاجها. على الرغم من صرامة قوانين التطعيم في
الفلبين عاد الجدري بحدته ل60,612 حالة توفي منهم 43,294 خلال العام 1919. من
الواضح ان مرض الجدري يتجاهل التطعيم كلما حدث تراخيا في النظافة العامة.
وباء الجدري في جلوشستر
ما بين العام 1895 و حتى 1896 انتشر وباء
الجدري في جلوشستر و ادعت السلطات ان 279 من الاطفال الغير متطعمين قد لاقوا
حتفهم و انه بمعدل واحد من اصل 8000 طفل
تلقى تطعيماته قبل او خلال هذه الفترة قد مات متاثرا بالجدري. الحقيقة هي 116 طفل
متطعم اصابه الجدري و توفي منهم 27 طفل. في ذلك الوقت 4% فقط من الاطفال كانوا قد
تلقوا تطعيماتهم و حوالي 10,000 طفل غير متطعم عبر فترة الوباء بسلام. شدة هذه
الكارثة كان بسبب عيوب في الوضع الصحي خصوصا في المجاري و مياه الشرب و كانت قد
عولجت بعد ذلك بمبالغ كبيرة.
اندلع المرض و انتشر كالحريق الهائل في احدى
المدارس الغير نظيفة و كان اول من خضع للجدري هم المعلمين الذين تلقوا تطعيماتهم.
لم تكن المدارس فقط تحت حالة صحية فقيرة فقد كانت المستشفيات ايضا بوضع مشين مما
دعا الى عزل المرضى الصغار عن المستشفى. في جلوشستر كان مجمل عدد المصابين بالجدري
حوالي 1979 طفلا منهم 1750 طفلا من جنوب جلوشستر حيث الصرف الصحي باسوا حالاته.
يبدو ان ملائمة الصرف الصحي في شمال جلوشستر هو من انقذ الاطفال من الجدري. الجدير
بالذكر ان 1211 طفلا من اصل 1979 ممن اصابهم الجدري كانوا قد تلقوا تطعيماتهم و لم
يمنع التطعيم عنهم المرض. كلما ظهر الجدري كان التعامل معاه سهلا في حينه و يمكن
الحد من انتشاره بالمكان و الزمان. تحسن الاوضاع الصحية و الصرف الصحي كان له
الفضل في ابعاد مرض الجدري كما ابعد امراض اخرى كالموت الاسود و الكوليرا و
التيفوس.
حماية صناعات التطعيم ضد الحقيقة من خلال مهاجمة المنشقون العاقلين بشراسة
انتج ارباحا طائلة لصالح التطعيمات تقدر بحوالي 17 مليون دولار امريكي سنويا.
References
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق